مختار محمود
عدد المساهمات : 1 تاريخ التسجيل : 06/04/2010
| موضوع: الرهان قصة قصيرة الثلاثاء أبريل 06, 2010 1:54 pm | |
| الرِهانقصة بقلم :مختار محمود عبد الوهاب أعواد الحديد الصدئة التي تحمي ضريح " أبو عجور" تبدو غليظة الظلال لابتعاد الشموع عنها ، شجرة الجميز الكبيرة التي تخيم على الضريح يحتك الريح بأوراقها فتصنع حفيفا متقطعا له تفسيرات غريبة لدى أهل القرية ، حزمة الإضاءة الخارجة من الخلخلة السفلية للباب تتسع مع الأفق .
- إيه اللي واقف هناك ده ؟
- ما تخافش
- دا بيتحرك !!
- صبار بس قديم
ضوء القمر المنساب عبر أغصان الجميزة القديمة قدم " أبو عجور " يرسم أفراخ الجان وصور العفاريت على الأرض الفضاء المحيطة بها ، وأصابع أبى المعاطي الغليظة القوية تنبش الأرض بحثا عن ضبة سفلية لجمجمة رجل . وعيناه على الأشباح المتحركة على أرض المدافن وشواهد القبور ، وشوادفي يمسك جيدا بجريدة خضراء تغرس مكان الضبة على الفور ، وتروى في الصباح بماء خروج من جنابة في آنية من النحاس الأحمر .
- فيه حد جاي
يقف أبو المعاطي وينفض يديه من تراب القبور الناعم ويفك شمرة كمه الواسع
- مين ؟
تبدو ملامح حجازي الحادة وهو يقترب من الواقفيْن في مكان مريب . ينفخ نفخة طويلة ويسأل :-
- .......؟
- بنقرا الفاتحة للحاجة زكية أم محمد
- شواهد العتامنة في الناحية التانية ... ايه اللي جابكم هنا ؟
- الظاهر عفريت أبو سالم توهنا الله يخرب بيتك يا شوادفي !
يتحركان إلى الخلف باستدارة حذرة ، بينما يبقى حجازي في مكانه ، يصنع ضوء القمر ظلا طويلا له مثل خيال المآته بجانب سيدك " أبو عجور " .********* يتأكد لدى زوجة أبي المعاطي أنها لن تحصل على ضبة سفلية لرجل مات في شبابه أبداً ، فتقرر أن تسلك المسلك الآخر من العمل حتى لا تتعرض طمان ابنتها الوحيدة لأذى من الأرواح السفلية ؛ ضبتان لحمار مات حديثا ولم يرم جثمانه في ماء عذب ، والصغيرة طمان عارية كما ولدتها زوجة أبي المعاطي ، وصغير يحملها لم يختن بعد وأمه خالها عمها (*) ، وامرأة مسنة خلعت أضراسها تضرب بالضبتين على باب شباك " أبو عجور " وهي تردد " يا ضبة يا ضبضابة ...... يا موته يا طيابة ..... دي طمان بنت سعدية وأبو المعاطي .... يا تشفيها يا تخديها " ، وطمان الصغيرة ترتجف من البرد أمام شباك " أبو عجور " يحملها جلال الذي لم يختن ، وخالتك صديقة التي لا تحمل ضرسا في فمها مازالت تردد " يا ضبة يا ضبضابة..............
ترجع أمها تسرسب حبات القمح من المقام حتى مدخل دارها ، وتلبس العارية الملابس وتتركها على الباب حتى يأتي أبو المعاطي ويقرأ الصمدية ويطوف حولها سبع مرات ثم يحملها بيمينه ويدخل ، ولا تتوقف خالتك صديقة عن الورد " يا ضبة يا ضبضابة ...... يا موته يا طيابة ..... دي طمان بنت سعدية وأبو المعاطي .... يا تشفيها يا تخديها " ، حتى إذا نامت وضعها أبو المعاطي على قبة الفرن المحمي بأعواد البوط وخوص جريد نخل " أبو عجور " ، وتوقفت صديقة عن ورد الرهان وتصعد الزوجة برجلها اليسرى يليها أبو المعاطي ، ينامون ويستيقظون في الصباح كي يقرر الدكتور المعالج عمل أشعة مقطعية على المخ لوجود بؤرة صرعية به . أكتوبر1991م
(*) إذا تزوج الرجل ابنة عمه وأنجب فتاة صار عمها خالها | |
|